إعلان دمشق والاخوان السوريين
في آخر مقال له بالامس كتب السيد زهير سالم يعلق على معاني الافراجات الاخيره عن بعض قادة إعلان دمشق ، الامر الذي أثلج صدور الملايين من السوريين الذين يعيشون تحت ما يشبه الواقع القدري الذي يقترب من الازلي بان يكونوا مخيرين بين ثلاثه لا رابع لهم : مواطن صامت ، ومواطن سجين ، ومواطن منفي ، طبعا هذا لغير ازلام السلطه واتباعها ومنتفعيها وخدمها وعسسسها ومرابعيها ومثالثيها والسجيجه لها .
قال السيد سالم الناطق الرسمي بإسم الاخوان السوريين كلاما طيبا وذكّر أنّ الاخوان من الموقعين والمؤسسين على وثيقة إعلان دمشق ، ولكن للحقيقه والواقع والتاريخ يجب القول أن قبول المؤسسين لاعلان دمشق في الداخل لوجود الاخوان بينهم كان أمرا سارا ومفرحا لانهم إستطاعوا أن يتحدوا النظام في ذلك الموقف لانه – النظام – كان وما زال يحرم أي شكل من أشكال الالتقاء او التماس او حتى نظرات عن بعد بين أي طرف سوري مع الاخوان ، لذلك فقد كان موقف إعلان دمشق ذاك في منتهى الجرأة والتجرد والواقعيه ، وربما شكل السبب الاساس لنقمة النظام عليهم وإعتقالهم وإحالتهم الى تلك المحاكمات الصوريه الهزيله –المسخره – .
ولكن للاسف كان جزاء الاخوان لذلك الموقف من اسوأ ما يمكن توقعه من حركة إسلاميه لها ما للاخوان من تاريخ وحكمة وتضحيات ورجاحة وبعد نظر ، كان الجزاء لرجال إعلان دمشق عباره عن طعنه نجلاء في الظهر تمثلت اولا في سرعة اللقاء الفاشل مع السيد خدام في ما كان يدعى وقتها جبهة الخلاص ، ثم الاسحاب كليا من صفوف المعارضه والوقوف على – الاعراف – في وقت يكون فيه ذلك الوقوف أقرب الى الخيانه منه الى أي شيء آخر .
وذلك لعدة أسباب : أولا لان الاخوان بقوا تقريبا لوحدهم يتحملون أشد السياط إيلاما لمدة لا تقل عن ربع قرن في السجون والمقابر الجماعيه في حماه وتدمر ، وكان حلمهم أن يقف فصيل كامل متكامل مع جميع أطياف المجتمع ، يقف معهم ويضمد جراحهم ويعترف لهم بما قدّموه ، كان ذلك أقرب اليهم من الحلم ، ولكنهم عندما رأوه يتحقق أمام ناظريهم سرعان ما تخلوا عنه وقفزوا قفزة غير محسوبه في جبهة الخلاص أضرّت كثيرا بسمعتهم وتاريخهم في ذلك الصراع ، ولكن القفزة المعاكسه كانت أشد إيلاما لرفاقهم الجدد النازلين للساحه ، كانت إعلان الاخوان الانسحاب بشكل كلي من الحلبه بدون ضربة قاضيه وبدون ان يعلن الحكم إنتهاء الشوط ، تركوا زملاءهم في الساحة وحيدين وتعلقوا بوهم كبير اطلقوا عليه اسم التضامن مع غزه ، وكأن هذا التضامن سيجعل النظام القرمطي يمحي عنهم كل تاريهم الصدامي معه ويقول لهم : أهلا بكم ومرحبا طالما أنتم مع غزه فنحن معركتنا واحده وهدفنا واحد ، ولكن ولان النظام يعتبر غزه وفلسطين كلها بمثابة – بسطه – يسترزق ويتسبب منها ويزاود ويجعجع بدعمها بشاحنات من الطحين الذي يعلم الله فقط كم هي مدة صلاحيته للاستهلاك ، ولانه نظام لا يأبه بأي قيمة لمواطنيه او معارضيه او حتى أصدقائه ، فقد رفض مبادرتهم وتركهم نهبا للفراغ والضياع في حالة من انعدام الوزن ، بعد ان حصد رجال اعلان دمشق منهم اسوأ المواقف واقلها عرفانا بجميلهم عليهم .
لذلك فإن كلام الاخ سالم الطيب لا يكفي لتطييب خواطر الناس الذين أزعجهم ذلك جدا من الاخوان ، موقف كهذا لا تكفيه ابدا كلمات طيبه ، ولكنه يحتاج من قيادة الاخوان المرتقبه الجديده ان تغسل بكل المنظفات تراكمات تلك الاخطاء الفادحه التى وقعت خلال السنين الماضيه والتى اساءت كثيرا للاخوان كحركه رياديه في معارضة النظام وارجعتهم الى لا شيء ، مجرد رقم لا تاثير له ولا وزن في المعادلة القائمه ، فلا النظام قبل خطوتهم وجبر بخاطرهم ، ولا المعارضه مرتاحه من تلك المواقف المتأرجحه . الكلام الطيب يبقى كلاما الى ان تؤكده الافعال والمواقف الصريحه التى لا لعب فيها ولا عوج : هذا النظام لا ينفع معه الى الوقوف بوجهه كما فعل قادة اعلان دمشق وتحملوا السجون والمحاكمات الصوريه الكريهه ، وموقف الاخوان كان اكبر خذلان لهم وهم في بداية طريقهم المحفوف بكل انواع المخاطر والذي يحتاج اكثر ما يحتاج التى التكاتف والى التناغم في الخطوات وشد الصفوف وليس اللعب بينها والانتقال من صف الى صف بدون اي تنسيق . كلا الاخ سالم يزول مفعوله في ساعات قليله ، ولكن افعالهم السابقه ما يزال تاثيرها قائما مخلخلا للصفوف وموهنا للعزيمة ، الوهن الصحيح وليس الوهن الكاذب الذي يجعجع به قضاة محاكم بشار الاسد المخنثين .
علي الاحمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *