الثامن من اذار … يوم الخزي والعار
في كل عام يحتفل البعثيون والطائفيون في سوريه بذكرى أليمه ، ذكرى إغتصابهم للسلطة في سوريه ومن ورائها إغتصاب الحريه والكرامه وما يمكن أن نسميه العيش الكريم في سوريه . تخرج المظاهرات القسريه التى يجبر فيها العامل والموظفون والطلاب على الخروج للشوارع لتخليد تلك الذكرى ، يحملون صور من أذلهم وأهانهم وسحق كبرياءهم ، ليس صوره فقط ولكن صور أبيه وإبنه الاخر الذي سبقه الى سوء المثوى والمصير .
سبعة وأربعون عاما مرت على سوريه ، تتأخر كل يوم عن ركب الأمم المتحضره حتى صارت في أخره نقطة من ذيلها ، تسرق خيراتها كل يوم ، وتنتهك كرامات وحرمات أبنائها كل يوم ،ويعتدي الأثمون على شبابها كل يوم في مرافق الحياة ، ألوف كثيره دخلت السجون وقضت نحبها فيها تحت التعذيب والإذلال ، ألوف اخرى أجبرها الطغاة على الرحيل الى أصقاع الارض طلبا للأمن أو للقمة العيش التى عزّت عليهم في وطنهم لأن البغاة وأبناءهم وأحفادهم وذراريهم سرقوها من فم مستحقيها ، آلاف الثكالى والأرامل ومئات ألاف المقهورين والصامتين وملايين من السوريين في أتون المحنه منذ ذلك اليوم الأسود .
نصف قرن يوشك أن يكتمل علينا ونحن في الحال الكئيب المريب الخانق القاتل ، وكل جيل يأتي يدفع ثمن حياته من كرامته وخبزه وألمه وعرقه ، يدفعها لعائلة الأسد ومخلوف وبقية الأسماء الشائنه من عوائل الطائفة المسخ التى تسومنا سوء الألم والعذاب ، نصف قرن لم تشف غلهم المتعطش للإنتقام منا ، من أبي بكر وعمر وصلاح الدين وقطز الذين عرفوا ضلالهم وجازوهم بما يستحونه ، ولكننا اليوم ندفع ثمن كل تلك القرون الخوالي ، ندفع أثمان وقعة صفين وكربلاء ومؤامرات عبد الله بن سبأ اليهودي ، ندفعها للقرامطة الجدد والحشاشين الجدد وأبناء العلقمي الجدد ، بشار الأسد وزمرته الحاكمة في عاصمة بني أميه .
أي مصير أسود ينتظر هذا الشعب المسكين وهو ينظر الى أبنائه وبناته داخل سوريه يساقون الى السجون كل يوم ، بينما يعتمل حقد الطائفيين على من هم في المنفى بالقهر والإبتزاز في السفارات من أجل الحصول على جواز سفر أو عقد زواج ، أما الملايين من الصامتين الخائفين فهم يعيشون الفقر والحرمان والجوع وتنتشر العشوائيات في كل مكان حول دمشق ، في نفس الوقت الذي تنتشر فيه الملاهي الليليه والحانات لكبار ضباط الجيش والشرطه الذين ينفذون أوامر الجلاد في النهار ، ويمارسون الفحش في الليل مع مومساتهم وضحاياهم .
كم علينا أن ندفع من عرق ودم ودموع لنرى يوم الخلاص ويوم الفجر القادم إلينا من بعيد ؟ كم على أمهاتنا أن يصبرن وأن يبكين قبل أن تكتحل عيونهن برؤية أبنائهن المهجرين والمفقودين ؟ كم من الأباء سيموتون قبل أن يعرفوا أين دفن أبناؤهم في صحاري تدمر وحماه وجسر الشغور وسرمدا والمشارقه في حلب ؟ وكم من الأموال سينهب مخلوف وخلوف من خيرات سوريه قبل أن ياتي ذلك اليوم الذي نموت الف مره قبل أن نراه ؟ وكم من الأجيال سوف تتقلب على الجمر قبل أن تراه ؟
الثامن من آذار! يا ليتنا إستطعنا أن نمحوك من تعداد الشهور والايام ، لو كنت مثلا التاسع والعشرين من شباط بحيث لا تأتينا الا كل 20 سنة مره ، لو كنت يوما يمكن أن يلغى من ذاكرة الزمن ويشطب من تعداد الأيام والسنين ، لو كنت لم تاتينا بما أتيتنا به من شؤم وعار .
علي الاحمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *