ارباع المثقفين السوريين

نعم انهم ليسوا انصاف ولكنهم فقط ارباع مثقفين اولئك اللذين كتبوا بالامس واليوم وبالتاكيد سيكتبون غدا عن التناقض والتضارب والتصارع عند دعاة الحركات الاسلاميه ومنهم الاخوان السوريين ، اتهامات لا اول لها ولا اخر ، على خلفية موضوع جزئي توقفوا عنده ورفضوا التزحزح قيد انمله، موضوع حكم المرتد في الاسلام ، بينما نسوا او تناسوا او تجاهلوا الاصول الاسلاميه الكبيره التى تحمي النفس البشريه وتصونها وتعتبرها اغلى قيمه في الوجود ( لهدم الكعبة حجرا حجرا اهون عند اله من قتل رجل مسلم بغير حق ) . قفزوا فوق كل اساسيات الاسلام في تكريم الانسان وحفظ ماله ودمه وعرضه ( ان دماءكم واموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا الا هل بلغت اللهم فاشهد ) . تجاهلوا التاريخ المجيد للمسلمين الذي اقام للعرب ذكرا بعد ان كانوا مجرد قبائل تائهه في وسط الصحراء ( امطري حيث شئت فسياتيني خراجك ) ، تعاموا عن حقيقة ان عمر بن عبد العزيز اوصل المسلمين الى درجة الاشباع الاقتصادي بحيث لم يجد من يقبل الصدقة او الزكاة في عهده ، نسوا رحمة الاسلام عند فتحه للاصقاع ونشره قيم الخير والحق والحريه والمساواه واحترامه لكل حقوق الانسان قبل ان يعرفها الاخرون من الصين الى اندونيسيا واوربه ( ان اكرمكم عند الله اتقاكم ).، تجاهلوا كل ذلك وغيره مما لا مجال للاسهاب فيه الان وتمسكوا بجزئية واحدة وتجمدت جوارحهم وعقولهم عندها : قتل المرتد . وهل هناك اصلا من يرتد عندما يحكم الاسلام الحق ؟ ان كل تاريخ الاسلام عبارة عن تضحية وفداء واستشهاد وبذل للغالي والرخيص في سبيل نشر قيم الاسلام ، فمن هو الذي يرتد بعد ان يعرف عدل الاسلام وكرم المسلمين وتسامحهم ، انهم يناقشون امرا لا يحدث الا في عقولهم الفارغه .

لماذا مثلا لا يناقشوا الحرية في الاسلام وقول المسلمين لسيدنا عمر بن الخطاب : لو راينا فيك اعوجاجا لقومناك بسيوفنا ؟ ولماذا لا يناقشوا مثلا عدل الاسلام بين الرعية عنما يحكم القاضي المسلم ليهودي ضد مسلم مما يدفع اليهودي للدخول في الاسلام ؟ ولماذا لا يناقشوا رعاية المسلمين لهموم الناس ومشاكلهم وحق اصحاب الديانات الاخرى الذين يعيشون بين المسلمين، لماذا ينسون كل ذلك ولم يعد لديهم امر للنقاش والتصارع الا موضوع قتل المرتد مع انه امر نادر او مستحيل الحدوث ، وليتفضلوا ليطلعونا كم مرة حدث ذلك في التاريخ . ولماذا يفترضون ان اول شيء سيطبقه اي حزب اسلامي فور وصوله للحكم هو قتل الاف المرتدين ، وجلد الاف شاربي الخمور والزناة ؟ الم يعلموا انه في عهد سيدنا عمر تم ايقاف حد السرقه لان الناس كانوا في مجاعه ، وكثرت السرقات لان الناس اوشكت ان تموت من الجوع ؟ .

ثم هل يكون المثقف واقعيا وعمليا عندما يبحث عن الثغرات او الهوامش ليلقي شباكه فيها بينما يغمض عينه عن ِالبديهيات والاساسيات والقواعد التى تحفظ المال والنفس والعرض وتصونها من اي عبث ؟ هل يكون المثقف عمليا وواقعيا عندما يبنى كل نظرياته على سوء الظن و الخبث والشك والريبه ؟ لماذا لا يكون الاصل عنده حسن الظن باخية في الوطن والدين وانه مثلما هو يدعي الحرص على وطنه فان الاخرين ليسوا اقل حرصا منه على ذلك ؟

اليس عيبا ان نبني كل نظرياتنا على المكر وسوء الظن بالاخرين ولا نترك مجالا للنفاهم والقبول براي الاخرين ؟

والا فليتحفونا هؤلاء الساده المثققون الحريصون والخائفون على مستقبل سوريه من البعبع الاسلامي القادم ، وليخبرونا كم مرة وصل فيها الاسلاميون في العصر الحديث للحكم وراحوا يقطعون الرقاب من اول يوم ؟ كم مرة حصل ذلك خلال المائة عام الاخيره ؟ الم يمض هولاء الاسلاميون حياتهم في السجون والمنافي يعانون التهجير والابعاد من انظمة الحكم ، والزور والبهتان من المثقفين الذين امضى بعضهم سنين طويله في السجون وذاقوا ما ذاقه الاسلاميون من تعذيب ، افلا يكون ذلك حافزا لهم على انصاف هؤلاء الرجال بدلا من التشكيك بهم وزعزعة النوايا تجاههم ؟ هل هكذا تقتضي رفقة الدرب في النضال ، الا يجب على الرجال الذين عانوا الظلم مجتمعين ان يضعوا ايديهم ببعض للتعاون من اجل بناء الثقة والانتقال الى مستقبل اكثر اشراقا للاجيال ، ام ان تجربة السجن المشترك غير كافية لتقريب وجهات النظر حول العدو المشترك ؟ .

اليس من السوء ان نكره بعضنا حتى قبل ان يرى بعضنا الاخر ونعتبر انه عدو سلفا وننسج حوله الاقاويل لمجرد انه يتبنى الفكر الاسلامي المنير الواعي البعيد عن الخرافات والاوهام ؟ الا نستحق لذلك خمسين سنه اخرى من حكم الطاغوت البعثي لاننا ببساطه لا نستحق الحرية لاننا نكره بعضنا ونشك ببعضنا البعض ؟.

واذا قال كاتب للاخر ان كلامك غير مقبول ، فلا يفيده لو تاب واناب واستغر سبعين مره لان ذلك الكاتب –العظمة لله – اكبر بكثير واجل من ان تتفوه عنه بكلمة قاسية مثل تلك ، انه شديد الحساسية والارهاف لدرجة انه عليك ان تزين كلماتك بميزان الذهب قبل توجهها اليه ، لان سنين السجن جعلت منه انسانا من الماس تخدشه اي كلمة مهما كانت بحسن نية ، مع انه راى التعذيب والاذلال والاهانة كل يوم ، ولكنه من زميله ورفيقه واخية لا يقبل حتى ابسط الكلمات ولو كانت بقصد غير سيئ.

هكذا نحن السوريون منذ مئات السنين ، ينقصنا كل شيء الا الزعماء ، لو احتاجت الكرة الارضية كلها زعماء لامددناهم بهم بلمح البصر ، لذلك كان جزاؤنا من جنس مرضنا ان سلط الله علينا طاغية لا يرحم .

اجمل التهاني لارباع المثقفين السوريين الذين اخذتهم النخوه للكتابة عن –قسوة المسلمين – في حكم قتل المرتد بينما تناسوا قتل امة كامله يدوسها الظلم والبغي صباح مساء .

ليهنكم تل الغيره وذلك الحس المرهف ، اما نحن فلنا الله وحده الذي نذرنا انفسنا وارواحنا لنصر دينه رضي من رضي وسخط من سخط . وللحديث بقية لو تفضلتم وسمعتم .

علي الاحمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *