استقلا ل ….. سرق الكحل من عيون الشاميات

استقلال ……. سرق الكحل من عيون الشاميات

في كل عام يحتفل السوريون في السابع عشر من نيسان بعيد جلاء المحتل الفرنسي عن الاراضي السوريه ، وربما يقف الكثير من المفكرين والكتاب والمعارضين وربما البعثيين ايضا ، يقفون طويلا للتساؤل عن حقيقة ذلك الجلاء وكنهه ومدى كونه استقلالا حقيقيا ام انه مجرد نهاية حقبه استعماريه جاءت نتيجة لاستحقاقات انيه في تلك الحقبه من الزمن املت على المحتل ان يرحل بسبب المقاومه الباسله لاحرار سوريا انذاك ، او لاسباب داخليه كانت تعصف بالوضع الداخلي لفرنسه بعد انتهاء الحرب العالميه الثانيه ، وخروج الاقتصاد الفرنسي منهكا ومحطما ، او لوصول المحتلين في ذلك الوقت الى ما يشبه القناعه ان شعوبا حرة ومتنورة لا ينفع معها الاحتلال والهيمنه وانما التعاون والاعتراف بحقوقها .

اليوم وبعد ستين عاما كاملة على ذلك الاستقلال ، لابد من وقفه ونظره للوراء ، ثم بعد ذلك نظرتين للامام لاستشراف المستقبل والبحث فيما وراء الافق عن اي شعاع امل للخروج من الواقع المرير الحالي.

اولا لا بد من الاشاره الى السنوات التاليه لعام الاستقلال وما انجز خلالها المجتمع السوري من تجربة رائده في مجال الحريات والاحزاب وحرية التعبير ، والانتخابات الصحيحه والحره التى لا تشبه باي شكل من الاشكال من يمارسه البعثيون اليوم من هرطقات كاذبه يسموها انتخابات وهميه تكرس هيمنتهم على الارض والانسان والموارد بشكل ربما لا يختلف عن الاستعمار من حيث البطش والظلم وانتهاك حقوق الانسان .

ثانيا لا بد من القول ان مرحلة عدم الاستقرار والانقلابات العسكريه التى ميزت العمل السياسي في سوريه في مرحلة الخمسينات ، بكل ما فيها من مساوئ واشكالات كانت ارحم وافضل بكثير مما تبعها من مرحلة الاستقرار الكاذب تحت وصاية حزب شمولي واحد اذل الانسان السوري والتاريخ والحاضر وربما المستقبل ، لانه في عهد الانقلابات كان القائمين بالانقلاب لا يقتلون اسلافهم على الكرسي وانما يضعوهم بالسجن شهر او شهرين ثم يتصالح الطرفان ويخرجوا ليخططوا لانقلاب اخر ، ولكن كانت لديهم حرمة للدم ، وحد ادني من الاخلاقيات لا يتجاوزه اي صاحب انقلاب ، ولكن بعد ان جاء البعثييون انتهت تلك الاخلاقيات لتسود شريعة اخرى تقوم على القتل للجميع او السجن المؤبد للجميع او احتكار الوطن كله بما فيه وكانه اقطاعيه او ملك خاص لصاحب الانقلاب البعثي .

ثالثا وهي المرحلة الاسؤا عندما انتقل القتل والسجن والاذلال من طبقة السياسيين والعسكريين الى عامة الشعب فلم يعد هناك حصن لاحد ، لا لرجل ولا لامراة ولا لطفل ، وانما شمل العسف والجور كل نواحي الحياة ودخل المجتمع السوري والدولة والتاريخ والجغرافيا في مستنقع لا نهاية له من الخوف الابدي والموت الدائم ، تحت ظل دولة الامن او لنقل دولة ا(لا) امن ، دولة الزنزانه والسوط والتابوت الخشبي المستمره لاكثر من اربعة عقود سوداء .

اي استقلال ذاك الذي نتحدث عنه اليوم ؟ هل سوريه مستقله ؟ انها انتقلت من عهد الرضوخ للاجنبي الى عهد الموت تحت اقدام المستبد من ابناء البلد ، الى عهد الوصايه للاجهزة الامن التى لا عد لها ، والى اساطين الفساد الذين سرقوا حتى الكحل من عيون الشاميات ، واعطوهم بدلا منه دموع لا تكاد تنتهي ، واحزانا شقت ندباتها في غور قلوبهم فراقا لاحبابهم في غياهب السجون ، ومنافي لا حصر لها ولا عد حتى انك لتجد السوري المهاجر بسبب الخوف او بسبب لقمة العيش تحت كل نجمة من نجوم السماء .

نعم اننا مستقلون من نير الاجنبي ولكننا نموت كل يوم تحت نير المستبد (الوطني) غير المغشوش من ابناء جلدتنا ، نموت من الذل ونموت من الخوف ونموت من فقد الكرامه والحياء وربما الشرف في كثير من الحالات . نموت ونحن ننظر الى وطننا وهو مكبل بالف قيد ، وهو نهب لمليون طامع بعد ان ماتت الغيره عليه ، ودفنت كرامة ابنائه في اقبية السجون وتحت سياط الجلادين .

نحن مستقلون ولكننا مرتهنون للخوف ونحتاج الى استقلا ل جديد حقيقي ونظيف ولامع ، يجلو عن وطننا الامه ويرفع عنه ماسيه التى صبغت بصباغ قاتم حياتنا وضحكة اطفالنا ، ولفت بالسواد سماء سوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *