دكتاتور بلحية ودكتاتور بدون لحيه

دكتاتور بلحيه ودكتاتور من دون لحيه

هل هناك اي فرق بين الدكتاتور ذو اللحيه والدكتاتور حليق اللحيه ؟ سؤال ساحاول الاجابة عنه في هذه السطور.

ان العناصر الرئيسيه المكونه للدكتاتور لا تختلف سواء اكان بلحيه ابو بلا لحيه ، اسود او ابيض او حنطي اللون ، ومن اي خلفية ثقافية جاء ، وهذه العناصر تتلخص في الاستبداد بالراي والهيمنه الكامله على كل شيء يقدر عليه وتطويع كل شيء لصالحه من هيئات ومؤسسات وافراد ليجعل من ذلك كله ماكينة كبيره تطحن كل ما يخالفها،مكتوب عليها شعارات مختلفه اما وطنيه او قوميه او حتى دينيه ليبرر افعاله تحت هذا التبرير او ذاك .

والكبر والاعجاب بالراي حيث ان كل دكتاتور يظن انه افضل من عليها ، وان فهمه للاشياء لا يسبقه اليه احد ، وان كل هؤلاء الناس الذين يسبحون بحمده انما يفعلون ذلك لانه فريد عصره ووحيد دهره ، وهم مسحورون بابداعه وقدراته .

والطغيان ، لان كل دكتاتور هو عباره عن طاغيه يجب ان لا يرد له امر وان يسمع الجميع له ، وان يقروا جميعا بان رايه هو الصواب وما عداه الخطأ ، والويل والثبور لمن يرفع راسه او يقول لا.

استباحة الاموال العامه ، حيث ان كل الدكاتوريين يتصرفون باموال من يحكموهم وكأن هؤلاء المحكومين ملك يمين او عبيد ، مالهم حلال للدكتاتور يحق له ان يتصرف به كما يشاء وعلى هواه .

السجون والتعذيب والقتل ادوات جميع الدكتاتوريين المتسلطين ، وهي في الغلب سجون مخفية لا يعلم بها الا زبانيتهم وعمالهم لانها مكان تصفية الخصوم .

اغلب الطغاة لحد الان هم من حليقي اللحيه ، واغلب ضحاياهم من الاسلاميين اصحاب اللحى ، وهذا بالطبع يعكس نوعية الصراع الذي حصل وما زال يحصل خلال العقود الماضيه في منطقتنا العربيه والاسلاميه ، ولكن ومع امتداد الصراع واستمراره لعقود طويله تكونت من هؤلاء الضحايا الاسلاميين هيئات وحركات تمثلهم وتدافع عن حقوقهم وتتبناهم في الاعلام ، وفي المحافل الدوليه، القصد انه صار لهؤلاء الضحايا تمثيل ووجود له عناصره ومقوماته التى تساعده على الاستمرار والصمود لفترات طويله ، وهكذا اصبحت امورهم تدار على شكل حركة او تنظيم او جماعه في اغلب الاحيان تكون مبعدة عن وطنها الاصلي وتعمل في الخارج ، ولها رئيس او قائد او مسؤول يتكلم باسمها .

هذا القائد او المسؤول لا يملك في اغلب الاحيان عشر معشارما يملكه الدكتاتور الاصلي الذي طرده من وطنه وقتل اتباعه ورماهم في السجون ، ومع ذلك فهو يتصرف بذلك العشر من المعشار بطريقة تنم على انه يحمل من جينات الدكتاتوريه التى ترك وطنه من اجلها لاكثر من ربع قرن.

وهكذا تكون ببطء دكتاتور بلحيه يمارس سلطاته على ضحايا الاستبداد الذي طردهم جميعا ، ومع الزمن صار لهذا الدكتاتور ذو اللحيه انصار واتباع ومساعدين يزينون له دكتاتوريته، ولكن هذه المره بمصطلحات جديده تماما ، لان الدكتاتور الاصلي كان يمارس سلطته الاستبداديه تحت حجج الوطنيه والعروبه والتصدي لاسرائيل ، اما الدكتاتور الجديد فانه يمارس سلطاته القمعيه تحت شعارات اخرى مثل : السمع والطاعه ، والاخلاص في سبيل الله ، والبيعه ، وهذه اشياء مقدسه في الاصل وكانت قد بنت تاريخنا المجيد يوما ما، يوم كان القائد المسلم لا يأكل الا بعد ان يشبع اخر جندي ، ولا ينام الابعد ان يطمئن ان جميع جنوده ناموا ، ويكون ذليلا امام اخوانه قويا وعزيزا امام اعدائه ، لا يقرع من يعترض عليه ولا يلومه بل يقول له : لا خير فيكمم ان لم تقولوها ولا خير فينا ان لم نسمعها ، يومها كان ذلك القائد يزلزل الجبال ويقطع بجنوده البحار ويفتح الارض بالحق والعدل وينشر الحريه في الامم ، اما دكتاتورنا الجديد فهو شبعان دائما ولا يعرف عن جنوده شيء ، مرتاح دائما وليكن بعدها ما يكون عليهم ، تحت الاضواء ولا يهم ان كان لديهم شموع ام لا , لذلك فهو يسير من فشل الى فشل ومن انتكاس الى انتكاس .

الدكتاتور الجديد-صاحب اللحيه- ليس لديه سجون او تعذيب ، ولكن لو اتيحت له الفرصه
ليملك سجونا اوتعذيبا لفعل ذلك ، ربما ليس بنفس درجة الاجرام الذي مارسه الدكتاتور الاصلي ، ولكنه بالتاكيد لن يتورع عن استخدام السجون والتعذيب لو انه ملك ذلك . الان هو يملك ان يطبق ضد من يخالفه اساليب لا تقل عن السجون قسوة مثل الفصل التعسفي او الطرد والحرمان من اي مساعدة ماليه او سحب الغطاء عنه في المكان الذي يعيش فيه ، وهذا يعني اما ترحيله او او قطع رزق عياله .

الدكتاتور الجديد يصلي ويصوم ويحج للبيت الحرام ولكن ذلك لا يمنعه ان يحابي المقربين اليه ويعطيهم ما ليس من حقهم ، وان يمارس التمييز بينهم على اساس درجة الولاء له وليس على اساس الكفاءه والاخلاص لدعوته والتضحيه في سبيلها ، فهو يقع من حيث يدري او لا يدري في نفس اخطاء الدكتاتور الذي طرده من وطنه ، وكأن هذه التصرفات دخلت في النسيج التكويني لهم فهم يمارسونها على رعاياهم بشكل متتابع ومتواصل بغض النظر عن الايديولوجيه التى يحملونها، وعن الدوله التى يعيشون فيها .

يبدو-للاسف الشديد- اننا اصبحنا محكومين لهذا النهج اينما كنا وتحت اي حكم وقعنا ، يبدو ان التسلط والعسف صارا ملازمين لحياتنا ، وعلينا ان نتجرع غصصه حتى من اقرب المقربين الينا ، يبدو اننا لن نعرف يوما ما طعما للحريه والمساواه والانعتاق من الظلم ، فواحسرتاه على كل الامال التى عشنا لعقود نحلم بها : دولة الحق والعدل والصدق والاخوه والمحبه ، دولة الاسلام التى نبتعد كل يوم عنها بعد ما عرفناه ولمسناه من القاده الكبار الذين تحولوا ببطء الى دكتاتوريين ولكن من اصحاب اللحى ، واسفاه واسفاه ………..

علي الاحمد –لندن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *