الثورة السورية : ابطال الداخل واقزام الخارج

 الثورة السورية : أبطال الداخل وأقزام الخارج

لو قدّر لك أن تعيش ساعات او أيام مع أبطال الثورة السوريه في الداخل لعرفت حجم البطولة والفداء والتضحيه الذي قدّموه وما زالوا يقدّمونه كل يوم في تلك الملحمة الخالده من عمر الثورة السورية المجيدة . شباب في عمر الورود ما بين سن السابعة عشره الى الثلاثين في الغالب نذروا أرواحهم وأنفسهم وهم على إستعداد للموت في أي لحظه لان الموت لم يعد يشكل لهم أيّ مشكلة أبدا وقد تعوّد أهلهم وأزواجهم على ذلك بحيث يقول الطفل لابيه عند خروجه من المنزل : بابا هل سترجع اليوم أم لا ؟؟

حياة غاية في البساطه تبدأ عند الظهر لانهم يسهرون طوال الليل ولا ينامون الا بعد تأدية صلاة الفجر في جماعة الّا لمن كان له نوبة حراسة ، وجبة فطور بسيطة جدا ، سندويشة أو بعض البيض المقلي وشيء بسيط من الخضار ، ثم يكون الجميع في حالة إستنفار كامل ويكفي صرخة تنبيه واحده لكي يأتيك عشرات السيوف المسلطه الجاهزه للقتال .

خفاف جدا ، أطهار جدا وأوفياء لوطنهم أكثر ما يكون الوفاء ، فوق سياراتهم التى غنموها من العدو ،او مثل الجراد على دراجات نارية، تراهم يملؤون الشوارع والازقه وينتقلون بخفة ورشاقة بين هذا الموقع او ذاك حسب ما تقتضيه الضروره .

يوجد بينهم تنسيق مقبول خاصة عند إقتراب ساعات القتال وشن الهجمات ، حيث يشارك الجميع في أي ضربه ، ولكن عند إنتهاء القتال فإن لكل واحد منهم مجموعة او كتبيه يلجأ إليها لتكون بمثابة الركن الذي يأوي إليه وقت الراحه وللاستعداد للجولة الجديدة .

الطابع الاسلامي واضح عند الغالبية منهم ، ولكن هناك أكثر من مجموعه منهم تتبنى الفكر السلفي او المتشدد نوعا ما، وهؤلاء هم الاكثر تنظيما لانهم الاكثر والاوفر تمويلا حيث تتبناهم جهات إسلاميه من خارج سوريه وتدعمهم بكافة أشكال الدعم مما يجعل ظروفهم أفضل بكثير من بقية المجموعات ،  ولكنهم في الحرب سواء بسواء من له أيديولوجيه او القسم الاغلب من المواطنين العاديين الذين تحولوا الى ثوار حقيقيين .

وفي الحديث عن موضوع التمويل ، يجدر بالذكر أنّ أكثر من مجموعة أكدت  أن التمويل من بعض الجهات الحزبيه الاسلاميه ينحصر فيمن يقبل أن يكون مواليا لتلك الجهه التى تقدم الدعم ، فمثلا جماعة الاخوان المسلمين تحصر تمويلها لمن يقبل أن ينتظم معهم ويعطيهم ولاءه ، وقد أكّد أحد قادة المجموعات من مدينة إدلب أنه طلب منه الاخوان تأدية البيعة لهم مقابل المساعده المالية ، فوافق تحت ضغط الحاجة ، وبعد قبضه لمبلغ 2 مليون ليره راح يفضحهم في كل مجلس ويقول : يسقط الاخوان .

الالم الحقيقي والصورة الابشع للصراع في سوريه تكمن في حالة الجرحى ، حيث لا يوجد جهه متخصصه لحد الان وموحده ترعى شؤونهم ، وكل ما حصل لحد الان من جهود إنما كان جهود فردية من أطباء أو مؤسسات تقدم بعض الرعاية والعون ولكن لم يصل الى تشكيل قيادة موحده ومسؤوله لكل الجرحى . والمصيبة الكبرى في الحالات المعقده من الشلل او الاعاقات الدائمة التى أصيب بها قسم من الجرحى والتى سيكون لها تأثير كبير على حياتهم ، حيث لا يوجد أي خطط لاستيعابهم او لتأمين متطلباتهم على المدى الطويل .

الجميع منهم يشكو قلة المؤونه من المال والعتاد ، ما دفع البعض منهم – للاسف – للجوء الى بعض الافعال غير المنضبطه لتأمين حاجاته اليوميه من طعام وشراب مع إمتداد عمر الثورة ، حيث أكد الكثيرون منهم أنه لم يصل إليهم قرش واحد من أموال التبرعات والصدقات التى جاد بها الاشقاء العرب او المسلمون ، وهنا سؤال كبير : أين ذهبت كل تلك الملايين التى تمّ جمعها من على شاشات التفاز وفي المساجد ومن المناسبات الكثيره جدا خلال شهور ، التى كانت تنظم في أوربه والخليج وتجمع في كل مرّه عشرات الالوف من الدولارات ، ولكن قرشا واحدا منها لم يصل على الاقل الى المدن التى زارها عدد ممن نعرفهم وهي : حماة وسراقب وجبل الزاويه ومدينة إدلب ….

الفرق كبير جدا وهائل بين بطولات الشباب في الداخل وفذلكات السياسيين في الخارج ، وما يقومون به من أفعال فارغة لا قيمة لها إذا ما قورنت بتلك البطولات التى تجري كل ساعه على الحواجز والطرقات وعلى مواقع العدو المجرم .

سوريه تتجه نحو الخير الكبير للتخلص من النظام الباغي الذي أذاقنا الويل والثبور على مدى كل تلك العقود الطويله ، وأبناؤها أثبتوا أنهم بررة بكل ما تعنيه الكلمه ، والفجر الصادق صار قاب قوسين او أدنى من بلاد الشام المعطاءة التى تروي بدماء أبنائها كل الشوارع والازقه في سورية من طولها الى عرضها ومن مدنها الى قراها وبواديها . سوريه تتحرر بعرق ودم ابنائها .

علي الاحمد

تعليق واحد على

  1. سهى علي

    قتل الشعب السوري امتداد للاساءه للرسول الكريم
    في خضم الاحداث المتسارعه التي اكتنفت الدول العربيه من ثورات شعبيه كسرت قيودالصمت والخوف واعلنت عن عدم تراجعها حتى تحقق الامل المنشود في طرد المستكبرين والطغات العملاء الذين باعوا شعوبهم بابخس الاثمان..فبدات في تونس وليبيا لتصل الى مصر ثم اليمن وهاهي الان تقف على مشارف النصر في سوريا الحبيبه التي يدفع ابناءها دماؤهم الطاهره ثمنا باهضا كي لايبقى عرش الطاغوت قائما فوق اكداس جثث الشهداء.. ولقد تباينت وترنحت المواقف بين مؤيد ومعارض وبين من يقف خجولا لايدلي دلوا ولايكسر قلما وقوافل الشهداء من شعبنا السوري ترتفع كل يوم لتلطخ سماء الوطن بمزيد من الدم والحزن والسواد..لعل ما جعلني اليوم اجرد قلمي واكتب لاثبت حقيقه تاريخيه وانسانيه اذهلتني رؤيتها في موقف ومواقف مشرفه لشخصيه دينيه كانت حاضره دائما لتقف بجنب القضايا الوطنيه رغم تيارات المد الطائفي العنيف الذي اقتلع الكثير من العناوين التي كنا نعدها شامخه ليرميها بوحل المذهبيه الضيق وليزيد الجرح النازف عمقا والما..نعم..تلك الشخصيه التي لم يتناولها الاعلام بما تستحقه من تمجيد يوازي افعالها واقولها تماشيا مع المخططات العدوانيه التي قادها اهل المشرق والمغرب لانها كانت بمثابة السد المنيع الذي يقف حائلا دون تنفيذ ماربهم الدنيئه في تمزيق وتشتتيت الصف الاسلامي اولا والصف العربي ثانيا..واليوم وبعد الجريمه التي اقترفها اعداء الاسلام بالاساءه لشخص نبينا الكريم والتطاول على عقائد المسلمين ومن منطلق حديث رسولنا الامين من اذى مؤمنا فقد اذاني نرى تلك الشخصيه الوطنيه ترفع مظلوميات شعبنا واهلنا في سوريا مع مظلومية رسولنا الامين عليه وعلى اله وصحبه افضل الصلاة والتسليم وتعتبر تلك المظلوميه للشعب السوري امتداد للاساءه القذره لرسولنا الكريم..نعم ان تلك الشخصيه تستحق ان نقف لها وقفة اجلال واكبار تلك هي شخصية المرجع العربي الصرخي الحسني والذي طالما وقف مع ابناءنا في العراق وفي الفلوجه واعتبرها مظلومياتهم امتداد لمظلومية فاطمة الزهراء وكذلك اليوم يقف مع شعبنا واهلنا في سوريا ليعتبر ثورتهم وشعاراتهم كثورة الحسين ابن علي رضي الله عنهما في كربلاء فالحسين ابن علي رفع شعار هيهات منا الذله وكذلك الشعب السوري رفع الشعار ذاته فتوحدت المظلوميه في رفض الفساد والظلم في كل عصر فحيا الله الصرخي العربي وحيا الله رجاله وابناءه الغيارى الذين وقف مع اخوانهم في السراء والضراء..
    http://www.al-hasany.com/

    رد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *