عودة خالد مشعل الى الاردن

لا شك ان الموت حق وقدر كل البشر على وجه الارض ، ويوما ما كلنا سيصير الى ذلك المصير المحتوم نسأل الله حسن الخاتمه ، ولكن خبر السماح للاخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس بدخول الاردن بعد منع استمر لعشر سنوات للمشاركه في دفن والده المتوفى ، ذلك القرار اثار في فضولا فوريا للمقارنه التى لا نكف نحن السوريين عنها بين نظام الحكم لدينا وكل الانظمه المحيطه والمجاوره بل وكل انظمة الحكم في العالم .

المقارنه بين السماح لخالد مشعل بتخطي كل خطوط السياسه والاختلاف مع النظام الملكي في الاردن وفتح الباب له لياتي معززا مكرما بل وقيام السلطات الاردنيه بواجب العزاء وتسهيل اجراءاته لحشود كبيره جدا من الناس ، بينما يمنع السوريون المعارضون للنظام من اقل من ذلك بكثير حيث مات مئات الاباء والامهات لهم دون ان يحلم واحد منهم حتى حلم ان يقف على جثمان ابيه او امه يبكيه قبل ان يدفن ، انا مثلا مررت بهذه الحاله قبل عشر سنوات حين وفاة والدي وكنت وقتها في عمان ولا يبعد والي المريض عني سوى ساعات قليله بالسياره ، وبالرغم من انه بقي طريح الفراش لعدة شهور الا انني لم اكن اتخيل ابدا ان يسمح لي او لغيري من الحالات المشابهه بان توفر لنا فرصة رؤية اهلنا وهم في وقت الاحتضار .

والسبب طبعا بين مسلك الحكومه السوريه ضد من يخالفها ويعارضها ومسلك الحكومه الاردنيه هو ان الاخيره ليس لديها ذلك الكم من الحقد الطائفي ضد خصومها ، نعم هناك اختلاف مع حماس لهذا الامر او ذاك ولكن في النهايه هناك خطوط يتم تجاوزها في لحظات انسانية معينه تقف السياسه وامورها اقل واصغر من ان تؤثر على تلك المواقف التى تستدعي نسيان الاختلاف والالتفاف حول المصاب ، ذلك في مقياس الاردنيين مع من يخالفهم ، اما السوريين الطائفيين الحاكمين فلا وجود لمثل تلك الحالات عندهم ابدا حيث يحقد الحكومة على المعارض وابيه وجده واخوته وعشيرته كلها وتعاملهم اشد ما يعامل اليهود لاعدائهم بكثير .

لا يوجد في الاردن ولا في مصر او الجزائر او المغرب او الخليج العربي حقد وغل طائفي كما في سوريه بين الحكومة والشعب ، لذلك فان مستويات العداء والاختلاف لا تصل ابدا الى تلك القطيعة الكامله التى لا تمحيها السنين لذلك نرى ان الزمن ومرور المناسبات الوطنيه ربما يفتح ابوابا لراب الصدوع وامتصاص الاحتقانات ، حتى في لبنان المحكوم من الطوائف فان الجميع في النهايه جلس الى طاولة اسمها طاولة الحوار وقال ما لديه بدون خوف او وجل ، اما في سوريه فلو مر مائة عام فان الحقد الطائفي المزروع في قلوب الحاكمين هناك لا يمكن ان يتغير او يخف او يقل ، فمثلا الان بعد مرور حوالي 29 عاما على اقرار قانون العار 49 لعام 1980 القاضي ظلما وعدوانا باعدام شريحة كاملة من الشعب ، لانها تخالف تواجهات تلك الطغمه الحاكمه ، لم تؤثر كل المناسبات الوطنيه او الاعياد او وفاة الطاغيه الذي سن القرار برغم انف مجلس الشعب الهزيل المنصب تحت علمة ورعايته ، ولم تؤثر احداث الكون او المنطقه او التاريخ على ذلك القرار ولم تلغ اثاره السيئة التى حرمت الاف من زيارة اهلهم وعائلاتهم لعقود من الزمن ، واليوم تثار اخبار هنا وهناك انه ربما يوقف القرار ايقافا وليس الغاءا تاما ثم تاتي بعدها اخبار اخرى تنفي ذلك فوريا .

لم يبتلى شعب في منطقتنا بمثل تلك القساوه والتجبر التى لاقيناها خلال ال 30 عاما الماضيه من هذا النظام الطائفي البشع المتستر بستار كاذب اسمه حزب البعث يخفي وراءه حقد مئات السنين على الشريحة الاكبر من ابناء سوريه ويحيلهم الى شتات تتقاذفه الامواج يعيشون غرباء في وطنهم تحت ذلك النظام المجرم ، اذلاء فقراء كالايتام على مائدة اللئام لا لشيء الا لانهم ولدوا من ابناء المسلمين الاحرار الذين فتحوا تلك البلاد المباركه بينما ينتمى حكامهم المغتصبون للسلطه الى طائفة مسخ ممقوتة مكروهة تخالفهم في العقيدة والمبدا والاخلاق والقيم .

يرجع الجميع الى اوطانهم مهما طالت غيبتهم يحتضنهم الوطن والاهل الا من يخالف العلويين الحاكمين في سوريه فانه لا يعود ابدا مهما تطاولت السنين وتتابعت الاجيال ، حتى من يريد منهم ان يعود ليدفن في ارضه وتحت شجيرات الزيتون في كرمه فانه يمنع من ذلك كما حصل لاحد الجيران الذين عرفتهم في عمان وهو على فراش الموت حيث طلب ابناؤه من السفارة السوريه في عمان ان تسمح له بالعودة ليموت بين اهله فقال لهم الموظف الوقح : خليه يموت هون احسن .

هذا هو الحقد الطائفي العلوي لمن لا يعرفه ، وهذا هو نظام بشار الاسد لمن يتوهم فيه ذرة واحدة من خير وما خفي اعظم واشد .

علي الاحمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *