حزب بعثي جديد يتشكل في سوريه
يتشكل حاليا في سورية بصمت وبطء حزب بعثي جديد يحمل كل صفات وعلامات الحزب المعروف سيئ الصيت الذي حاربناه طوال أربعين عاما ، وهذا الحزب هو مزيخ وخليط غير متجانس من الطامحين والطامعين من كل الاتجاهات السياسيه في سوريه . ولكن الابرز والاكثر وضوحا فيما بين مؤسسي هذا الحزب هم جماعة الاخوان بفرعيها الحلبي والحموي ، وجماعة إعلان دمشق ، مع كوكتيل آخر من باقي الاعضاء الذين يشكلون ديكور وزركشه لتكميل المنظر .
وكما بدأ حزب البعث في الخمسينات والستينات ، حين جاء بافكأر متجدده مثل الوحده والحريه وتقاسم الثروة تحت إسم الاشتراكيه التى كان لها لمعان في تلك الايام ، فإن الحزب البعثي الجديد في سوريه لم يعلن بعد عن أهدافه وبرامجه ولكن ما رأيناه لحد الان هو تمترس خطير وشديد حول الكرسي الذي خطفوه بخفة ورشاقة ووضعوا اللاصق عليه ثم جلسوا وكما يقال : يا أرض اشتدي ما حدا قدي … من يقدر اليوم أن ينال من تلك السلطه التى لا تملك أي بقعة أرض ولا تملك أي شرطه ومع ذلك فهي تمارس أبشع أنواع التسلط والاحتكاروالانفراد الذي كان أبشع شيء من صفات البعثيين القدماء . فكيف بالله عليكم سيكون الحال عندما يكون لهم مائة جندي وقطعة أرض تستوعب سجن صغير ؟؟
كل من يخالفهم أو يقف في وجه تفردهم فهو إما أحمق أو مغفل أو لا يعقل حجم الامكانات التى تتوفر لديهم ، شخص مثل شيخ الحقوقيين هيثم المالح لا يوافقهم على نهجهم يتحول فورا الى متكبر ومتغطرس وأناني ولا يفقه في السياسه . وشخص مثل كمال اللبواني عنيد ولا يصلح للقياده وغير كفوء ، وشخص مثل عبد الرزاق عيد … عنيد ومتكبر ولا يمكن التفاهم معه … وشخص مثل عمار قربي طويل لسان وبيحكي كتير وغير أهل للامانه …ومثل وليد البني لا يصلح لانه كذا وكذا…
أناس محرومون من أي نوع أنواع من السلطه لعقود وجدوا أنفسهم فجأة أمام السلطه تزحف اليهم فلم يصدقوا عقولهم … وصار كل من يفكر مجرد تفكير في مشاركتهم كعكتهم فهو طماع ..وصفيق ولا يستحي …
عندما يعقدون إجتماع في هذه الدولة أو تلك فإن أول شيء يرتبوه هو أن تكون الشرطه في ذلك البلد جاهزه لطرد وإبعاد أي شخص لا يرغبون به ، هذا منهجهم وهم في الغربه والنفي ، فكيف سيكون عندما تتوفر لهم أبسط سلطه في سوريه ؟؟
عند إستقبال الضيوف والمشاركين في أي مؤتمر تجد أحد رجالهم يجلس على الطاوله ولديه قائمة أسماء من يسمح لهم بالحضور ، تخلو طبعا من أي شخص لا يرغبون به لانهم يعتبروه طويل لسان ولا يماشي رغباتهم ، وهذا الشاب او الرجل هو نفسه سيكون رجل الامن فيما بعد ليكون العين واليد التى تنفذ سياساتهم . واذا كنت من غير المرغوب بهم فعليك ان تننظر ساعات طويله قبل أن يسمح لك بصعوبه وبمساعدة صديق ما بالدخول ، في إجراء يشبه تماما ما كان يحدث في فروع الامن عندما تراجعها وتجد رجل الامن على الباب يقول لك انتظر ، وتنتظر حتى آخر الدوام ثم يقول لك تعال غدا . نفس الاجراء ونفس الشخصيات والنفسيات المتعجرفه الان تعمل مع حزب البعث الجديد.
وكما لا تفيد الواسطه والرشوه عند فروع الامن ي القضايا السياسيه الحساسه ، فإنها لا تفيد ولا تنفع أيضا عند حزب البعث الجديد ، فلو كنت ممن له علامة سوداء مثبته على إسمه ، فإنه لن يفيدك أي صديق او أي واسطه لكي تخترق جدران المنع التي يضعوها حولك ، وفي إحدى المرات حاول شخص مسيحي في المجلس مساعدتي لتخطي حجب الاخوان ضدي ولكنه إعتذر وقال أنه لا قدرة لاحد على ذلك .
هم ليسوا بدرجة سوء حزب البعث حاليا ، ولكن لو أتيحت لهم الفرصه ليبنوا هذا الجسم الخبيث فإنه لن يكون أقل سوءا وغدرا من حزب البعث القيدم المعروف . ولو دققت مثلا في سيرة كل المجرمين والطواغيت والجبابره لوجدت أنهم تحولوا الى تلك الصفات الشموليه عبر عدد كبير من السنين وليس في سنة واحده ، فعبد الناصر في بداياته كان شخصا محبوبا أليفا ، ولكنه مع مرّ السنين أسس أكبر جهاز أمني عربي قتل الالاف وعذّب وإنتهك الحرمات ،وابو رقيبه والحسن الثاني … وحافظ أسد في بداية حكمة لم يكن بتلك القسوة والشدة التى شهدناها في الثمانينات والتسعينات ، وكذلك أنصار البيانوني وغليون والشقفه وطيفور وسمير نشار وأنس العبده وأحمد رمضان وغيرهم … لن يتحولوا الى مجرمين وطغاة وقتلة بين ليلة وضحاها ولكن ما رأيناه منهم ومن أزلامهم لحد الان يؤشر بوضوح الى تلك البدايات التى بدأ بها كل الطغاة المعروفين .
المال الذي يتدفق عليهم الان من الدول المانحه والصديقة لنصرة الشعب السوري ، يحاولون بشتى السبل تجييره لخدمة أحزابهم من خلال صرف مبلغ لفلان ومبلغ لعلان على أمل أن يسير في خطهم ويؤيد نهجهم ،وبدلا من أن تذهب الاموال الى مستحقيها من الافواه الجائعه في لبنان والاردن وتركيه ، فإنها تتحول إما الى سلاح أو إلى مال سياسي لشراء قائد هذه المجموعه أو تلك ، على أمل أن يكون لهم رصيد أفضل من المؤيدين بعد الثوره ، وأن يكون لهم ما يشبه الميليشيا الجاهزه لتكون ذراعهم العسكريه التى يبطشون بها وقت الحاجه . وقد علمت من أحد قادة المجموعات التابعه للاخوان المسلمين أنه بإمكانه تسليح ألف مقاتل ، بينما في نفس منطقته وقريبا منه مجموعه لا تتبع للاخوان بحاجة حتى الى ثمن طعام .
زواج غير مقدس وغير شريف يتكون الان بين أطراف لها غايات سياسيه تحاول الففز على الثورة السورية المباركه ، لتحويلها عن مسارها الشعبي العفوي البرئي الى مجال آخر حزبي ضيق خانق مجرثم يحمل في طياته كل الخطر وكل الالم الذي رأيناه من البعثيين السابقين بعد أن تمكن لهم الامر وصارت لهم السطوة والبطش . علي الاحمد