محمد مرسي وحلم الكرسي
أخيرا وصل مرشح الاخوان المسلمين في مصر إلى عتبة كرسي الرئاسه وهو قاب قوسين أو ادني من الجلوس على الكرسي الذي طالما حلم به قادة الاخون على مرّ التاريخ منذ تشكيل تلك الجماعه في أوائل القرن الفائت .
وهذا الحلم في الحقيقة ليس محرّم عليهم ولا حكر على غيرهم ، ويحق لهم أن يحلموه وأن يمارسوه في الواقع بالنظر لطول ما تعرضوا له من ظلم وحيف ، وما قدّموه من ضحايا وقرابين حتى وصلوا الى هذا اليوم .
الاعتراض يكمن في تلك العقليه الاخوانيه التى تصوّر كبار قادة الاخوان من الصف الاول على أنهم أولياء لله وأنهم نادرا ما يخطؤون وأنهم أناس أصفياء وأتقياء وبرره . حيث يحاول أفراد الصف الثاني عند الاخوان الى غرس تلك الافكار في عقول وقلوب مريدهم من صغار الشباب ، ويرسموا هالة كبيرة من القداسه على تلك الطبقه من القادة .
زرنا يوما مكتب أحد أهم مكاتب الاخوان وقابلنا ممثلين لمكتب الارشاد ، وهو أعلى سلطه عند الاخوان وشكونا لهم أحد قادتهم المتجبرين ووثّقنا كلامنا بكل ما نملك من إثباتات ، ولكن تبين لنا أنّ هذا المكتب له أذن يسمع بها وليس له لسان يتكلم لان الامر عندما يتعلق بدكتاتورية أحد زعمائهم فهم جميعا دكتاتوريين بلا نقاش وأن حميّتهم لبعضهم البعض وتسترهم على بعضهم البعض تفوق كل ما هو متوقع من صفات الانغلاق والتكتم وحفظ العورات لكي لا يعرفها أحد ولكي تبقى تلك الهالة مرسومه عنهم في عقول الناس .
زرنا أحد كبار قادتهم في منزله وشرحنا له ما يفعله زميله ورفيق دربه من ممارسات إقصائية وإنتقائيه وشلليه مناطقيه ضيقه ، فهزّ الشيخ رأسه في يأس كامل وكأنه يعرف كل ذلك وحوّلنا الى مرشد الجماعه الاعلى لكي يحل لنا المشكله ، ثم عندما تقاعد زميله – المتكبر – راح يكيل له منتهى أشكال المديح ليبقي على تلك الهالة الكبيره مرسومة في قلوب الناس عن زعمائهم . هل هذا نفاق أم دجل أم باطنية مغرقة في الباطنيه بحيث لا يملك أحدهم الا أن يصمت على مصائب زميله ؟؟
تم تكليف أحد الشبان الصغار بمهمة السكن في أحد البيوت المخصصه للقياده العليا للاخوان السوريين في الثمانينات عندما كانوا على سروج الخيل كما يقال ، يعقدون فيه لقاءاتهم وإجتماعاتهم ، ولان تلك الهالة كانت في تلك الايام في أقوى أشكالها ، قبل أن ينكشف العوار والمستور ، ظنّ ذلك الشاب أنه سيعيش في بيت يقابل فيه أمثال سعد بن أبي وقاص وأبي عبيده بن الجراح ومعاذ بن جبل ، وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر ….. بسبب تلك الهالة المغروسه …. وبعد مرور شهور قصيره وجد نفسه في بيت فيه اناس عاديون جدا يختلفون ويصرخون ويبصقون على بعضهم وربما وصل الامر أن يرمي بعضهم البعض بالاحذيه والقنادر …. ذهل الشاب بالامر وصمت صمتا عميقا ، أخبرنا الخبر بعد أكثر من عشرين عاما نظرا لشدة الرعب والخوف الذي كان مزروع في نفوس الشباب منهم ومن حاشيتهم ، وخوفا منه من ان يكسر تلك الهاله التى تم زرعها في عقول الناس عنهم .
رئيس الاخوان اليوم على أبواب القصر الجمهوري في مصر ، ولكنه بعيد جدا عنه في سوريه ، نرجو له الخير وأن يخيب ظننا فيهم الذي بنيناه من خلال تعامل حقيقي ملموس مع زعماء السوريين وبعض المصريين ، وأن يكون –بخلاف توقعنا – ممثلا صحيحا لعدل الاسلام ونزاهة المسلمين ، والا يكو ن مثل رفاقه وزملائه الذين عرفناهم في سورية أنانيا منغلقا متعجرفا متكبرا ميالا للحقد ، يحب جماعته أكثر من حبه لله وللرسول وللشريعه ، وأن يكون نعم الرجل يقود أهله للخير والصلاح والحريه .
إنه إمتحان كبير ، ولن يعطى الاخوان وقتا طويلا للحكم عليهم ، فقد تراجعت شعبيتهم بسرعة كبيره ما بين إنتخابات مجلس الشعب وإنتخابات الرئاسه نظرا لسوء أدائهم في الفترة القصيره في المجلس .
كل الناس اليوم عيون وكاميرات ترصد كل حركة وسكنه لافراد الاخوان ولقياداتهم ، وعين الشعب لا تخطئ أبدا وكاميرات الثوار لا تظلم أحد .
علي الاحمد