سوريه التى تحرج مؤيديها …..ياسر زعاتره

كتب السيد ياسر الزعاتره مقالا يلمح فيه وينوّه الى موقف النظام السوري تجاه الشعب المسكين الذي يعاني من أشد أنواع القهر والقمع والتنكيل . وهذه من المرات القليله جدا التي يقدم فيها كاتب من نفس النوعيه والشريحه التى ينتمي اليها السيد زعاتره ، يقدم فيها على تناول تصرفات النظام السوري بالنقد والتجريح ، لان الغالبيه العظمى من إخواتنا الفلسطينيين المؤيدين لحماس يبدون وهم راضون كل الرضى على سلوك النظام السوري تجاههم ولا يبدو أنه يهمهم قليلا أو كثيرا ما يلاقيه إخوانهم السوريون من قتل وقمع وتشريد . ففي أكثر من مناسبه مثلا أشاد السيد خالد مشعل ببشار الاسد وأسبغ عليه الالفاظ والصفات التى لا يليق له أن يطلقها على شخص أقل ما يقال فيه أنه ينتهك حرمة وحرية وكرامة إخوانه السوريين من الاخوان أو غيرهم ، وكان الاولى والاجدر به أن يقبل بضيافة بشار له من غير أن يسيئ الى السوريين المكتويين من نار بشار بتلك الالفاظ التى أثارت إستهجان الكثيريين من قبيل : سوريه الاسد ، أو قلب العروبه النابض ، أو قلعة الممانعه والصمود أو غيرها من الصفات التى لا تنطبق بحال من الاحوال على النظام الحالي .

السيد زعاتره مشكورا تطرق للجانب الداخلي من تصرفات النظام السوري بعد أن مدح عاليا الجانب الخارجي منها ، وهو فعلا مشكور لان غيره حتى الان لا يريد حتى أن يرى ما يحصل لاخوانه السوريين من قمع وأذى وتنكيل ، ويفضّل أن يتمتع بما يقدمه له النظام من خدمات إستعراضية بسيطه ، وفي أغلب الاحيان كاذبه ، أو هي أصلا أقل القليل مما ينبغي عليه أن يقدّم ، ويتجاهل أي إشارة أو تنويه الى تلك المعاناه ويحجّ الى دمشق في أشهر الحج وفي غيرها متناسيا حق إخوانه السوريين عليه من واجب النصرة والتاييد . وربما كان من المواقف التى لا تنسى ما أقدم عليه السيد إسحق الفرحان من تكذيب خبر تم نسبه اليه فيما يخص تخفيض نسبة تمثيل الاخوان الاردنيين في أحد المؤتمرات التافهه التى ينظمها نظام البعث المجرم في دمشق ، حيث تدخل الفرحان شخصيا ليقول أن ذلك التخفيض لم يكن إستجابة لطلب سابق للمراقب العام السوري للاخوان يحثهم فيه على عدم المشاركه . وهذا طبعا لا ينفي او يقلل من قيمة مواقف التضامن والمواساه التى قدمها الاخوان الاردنيون لاشقائهم السوريين خلال عقود المحنه حيث إلتجا الى الاردن الاف المواطنين الفارّين من ظلم وبطش وقسوة النظام السوري ، ولكن ما يحزّ في النفس ان ترى ذلك التقاطر الاخواني على نظام البعث وصمتهم وسكوتهم عن كل الموبقات التى ما زال يرتكبها بحق إخوانهم .

وبمقارنة الموقفين طبعا يكون موقف السيد زعاتره المتواضع جدا أفضل بكثير من موقف السيد الفرحان القائد الاخواني الاردني المعروف . ولكن ما يجدر الاشاره اليه هنا للسيد زعاتره ، هو الامر الذي لم يتطرق اليه أبدا ، وربما لا يعرفه عن طبيعة النظام السوري الطائفيه ، او انه لا يقدر حجم تلك الطبيعه التى هي السبب الحقيقي لعدم إبدائه أي نوع من المرونه في التعاطي مع الشأن الداخلي ، لان معارضته كلها تقريبا تنتمي الى الاغلبية الساحقه والمسحوقه من الشعب السوري المسلم السنّي في حين ان بشار وكبار المتحكمين في شان البلد هم من العلويين الذي يكرهون ويحقدون على السيد زعاتره والفرحان بنفس قدر الحقد والكراهيه للبيانوني او لزهير سالم او اي مواطن سنّي سواء أكان سوريا ام من اي جنسية اخرى .

وفي تشخيص السيد زعاتره لمأساة المواطن السوري علي العبد الله يعزو سبب إعادة إعتقاله الى نشر مقال أوهن عزيمة الامه التى كانت في أعالي العلى فهبطت فورا الى الحضيض بعد ذلك المقال ، ولا يعرف السيد زعاتره أن السبب الحقيقي هو كون السيد علي العبدالله ممثلا وناطقا وصورة للمواطن الواعي المتفهم للواقع والجريئ على الصدع بالحق ، والقادر على الوقوف بوجه النظام ، وهو الامر الذي لا يريده النظام أبدا ، لان أكثر شيء يخيف النظام المجرم هو أن يستطيع أي مواطن أن يتوجّه بالنقد بصوت عال لنظام المخابرات البوليسي في دمشق ، هذا النوع من المواطنين غير مسموح له بالعيش أبدا في إمبراطوية البعث الطائفيه الحقيره .

في الحقيقه – وبصراحه – فإن موقف الكتاب والقاده الاسلاميين الفلسطينيين والاردنيين من النظام السوري ومن تصرفاته تجاه شعبه ومعارضيه ، كانت وما زالت في مستوى منخفض جدا ومتماش ومتملق ومؤيد بصمت لتلك التصرفات البشعه ، وربما كانت إشارة السيد الزعاتره ومن قبلها مقال السيد ياسر أبو هلاله حول كتاب سنوات الخوف ، ربما كانت من أول الاشارات الخجوله جدا لما جرى ويجري على أرض سوريه العزيزه من ممارسات يندى لها أي جبين يمتلك ذرة واحده من حياء او إحساس بالعار .

كان المطلوب من السيد زعاتره وأبو هلاله وغيرهم من الكتاب والصحفيين الاسلاميين الفلسطينيين مواقف أكبر وأقوى وأشد كشفا وشرحا للحال الاليم للمسلمين السنّه في سوريه الذين يذوقون الهوان والعنت كل يوم وكل دقيقة على يدي نظام مجرم لا يرعى فيهم الاّ ولا ذمّه ، في وقت يصطف شيوخ وزعماء الاخوان لتحية وتبجيل قاتل إخوتهم ومنتهك حرماتهم والجاثم فوق صدورهم كالجبل لاكثر من ربع قرن .

كان – وما زال – مطلوبا من جميع قادة الاخوان وغير الاخوان من قادة التنظيمات والاحزاب الاسلاميه العربيه وغير العربيه ، أن يكونوا أقل أنانية في تأمين مصالحهم وحاجاتهم عن طريق نظام يقتل إخوانهم السوريين كل يوم وكل ساعة في السجون والمنافي ،
وأن يحترموا تلك الدماء التى أهرقت على أرض سوريه من خلال التوقف عن إطلاق الاوصاف غير الصحيحه على النظام السوري ، وهذا أضعف الايمان ، ثم التوقف تماما عن زيارة عاصمة الخوف والقمع دمشق ، ثم البدء بما بدأ به السيد زعاتره من توجيه أصابع اللوم والنقد للنظام على ممارساته ، وصولا الى الموقف الاعلى والاشد والاقوى وهو الوقوف صفا قويا متراصا مع إخوانهم السوريين حتى يتحق لهم ما يتحقق لغيرهم من الاخوان والمواطنين في الاردن وفلسطين ومصر وغيرها من الدول من حقوق الانسان والعيش الكريم . ولا يجوز أبدا أن نقول : من أجل عيون فلسطين أقبل بسحق عشرين مليون سوري تحت أقدام البعث الكاذب الذي يبيعهم شعارات منذ أربعين عاما ، ومن أجل عيون فلسطين أسكت على سجن الفتيات الطاهرات والشيوخ الاجلاء ، ومن أجل عيون فلسطين أقبل بنهب خيرات سوريه كلها ، ومن أجل عيون فلسطين أغمض العين عن كل جرائم النظام السوري .

عيون فلسطين غاليه ولكنها ليست أقل قيمة وقدرا من عيون الشابات المعتقلات في سجون البعث الظالم .

علي الاحمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *