شباب اللاعنف – خالص جلبي
كتب الاخ خالص جلبي مقالا تحدث فيه عن سوريه اليوم وما يحيط بها من براكين سياسيه تطيح بالرؤوس الكبيره وتزلزل العروش التى تكلست من جراء العقود الطويله في الحكم والتي خلّفت القهر والقمع والفقر وكتمت عقول وقلوب الناس لسنين طويله . ولكون الاخ خالص طبيب مختص وخبير في الطب فقد عرّج على الطب ليبين كيف أنّ المريض عندما يصل الى المشفى وفيه عدد من الامراض يتم تحديد المرض الاخطر المهدد للحياة ويصار الى علاجه لإنقاذ حياة المريض قبل التحول إلى المرض غير المهدد للحياة .
ولا شك طبعا في صحة ووجاهة ما جاء به الدكتور خالص وخاصة في مجال فقه الاولويات وتقديم الاهم على المهم والممكن على غير الممكن ، وأنّ السياسه هي فن الممكن . كل هذا صحيح ، ولكن النقطه مثار الخلاف والجدال هي هل من المجدي او المفيد كل تلك الحجج والطرق والاساليب لمثل النظام السوري ؟ وهل يمكن ان ترفع الورده في وجهه ، وان تدير له الخد الايمن اذا ضربك على الخذ الايسر ؟ وهل نوعية النظام السوري من تلك النوعيه التى تقبل تلك المفاهيم وتدركها وتحترمها وتضعها في حساباتها ؟؟
يقول الدكتور خالص كمثال فقط “أن الحل ليس بتخفيض سعر المازوت بل رحيل الجبت والطاغوت
الوقت الآن يا شباب اللاعنف ليس وقت الكلام بل العمل والإنجاز
لقد كان لكم عبرة في تونس ومصر وليبيا
وهي عبرة للطرفين الشعوب والحكومات
الشعوب أن تتحرر والحكومات أن تتعظ من الدروس” تنتهى كلامه
والتعليق : الدكتور خالص ألم تر كيف قدم التونسيون والمصريون مئات بل والاف الضحايا قبل أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه ؟ هل تتوقع أن يكتفي بشار لو حصل في سوريه ما حصل هناك بما إكتفى به بن علي أو مبارك من قتل وتدمير ؟؟ وأن يرحل دون أن يقسّم البلد ويستقل في الساحل السوري مستغلا ما أقامه هناك من بنية تحتيه جاهزة لاقامة دولتهم التى كانوا يطالبون بها من أيام الفرنسيين ؟؟ هل تظنّ أنّهم الان سيسلمون تلك الدجاجه التى تبيض لهم كل يوم أحمال من الذهب ويسلموها (لأعدائهم) التاريخيين من أبناء السنه ؟؟
السيد الدكتور : هؤلاء قوم يختلفون تماما عن تونس وعن مصر ، هناك المجتمع كله من شريحة واحده لا عداء تاريخي ولا حقد موروث بينهم ، عندنا في سوريه ينتظر العلويون هذه الايام والشهور التى وصلوا بها للحكم ، ينتظرونها من أكثر من ألف عام ، أمضوها أذلاء محتقرين مهانين لانهم يخالفون أهل سوريه في الملّه والعقيده ، ولن يتركوا لي ولك ذلك الحلم الذي عمره ألف عام من أجل مظاهره هنا أو مظاهرة هناك مهما كلفهم ذلك من قتل وتدمير . هل حصل يا أستاذ في مصر أو تونس أو ليبيا او الجزائر أن قام النظام بهدم مدينة كامله فوق رؤوس أصحابها كما حصل في حماه ؟؟ هل حصل أن شرّد نظام حكم عربي أو إسلامي مهما بلغ في الهمجية والعدوان ،أن شرّد عشرات آلاف لعقود طويله من ديارهم فقط لانهم لا يقبلون به ؟؟ كل الانظمة العربيه لها من يخالفها ويناصبها العداء ولكنهم يسوا مطرودين ولا محرومين من جواز السفر ولا مضيق على اهاليهم ، لماذا تختلف سوريه عن الجميع في ذلك الكم الهائل من الحقد من النظام على من يخالفه ؟؟ هل يحمل أحد من القاده العرب والمسلمون شيئا مما يحمله علينا العلويون من حقد وغل ؟؟أم انك تريد ان تجرّب ما جرّبه من قبلك المرحوم الشيخ أبي غده وتغزو النظام في عقر داره كما فعل ؟ وهل تعرف ماذا كانت النتيجه ؟ أم انك تظن انّ بشار يختلف عن أبيه ؟؟؟ كل هذا اوهام يا دكتور ، ومن جرب المجرب فان عقله …..
ألم تر أيها السيّد الدكتور لماذا يصرّ السوريون على الصمت والسكوت لحد الان وكل ما حصل لا يعدو أن يكون إرهاصات صغيره جدا لما نأمل أن يكون في المستقبل ، ولكن لا شك ان هناك كما هائلا من الالم والصبر وضبط النفس والتحكم بالاعصاب يشتعل في قلوب وعقول السوريين لانهم يعرفون اكثر مما نعرف عن طبيعة النظام الذي يسومهم سوء العذاب .
أثناء الحرب الامريكيه لاخراج القوات العراقيه من الكويت ، وحين تراجع الجيش العراقي الى العمق تاركا مواقعه في الكويت ، إنتفض الشيعة في الجنوب وطعنوا الجيش العراقي في الظهر ، عندها قام الجيش العراقي بردة فعل بعد أن أخذ ضوءا أخضر للقضاء على التمرد ، ولقنّهم درسا قويا . وهذا الامر بالذات جعلهم أثناء الغزو الاخير للعراق يصبرون أكثر من 20 يوم بينما تتقدم القوات الامريكيه وحلفاؤها ، وهم ساكتون صابرون يضغطون على أعصابهم لانهم تعلموا من الدرس الاول الا مجال للمغامره من نظام يده على الزناد ولا يهمه إن قتل ألف او عشرة الاف لان الفرق بين الرقمين صفر واحد .
الشعب السوري اليوم يشبه تماما حالة الشيعه العراقيين بعد دخول الجيش الامريكي من البصره الى الناصريه والكوت ، حيث بقوا محافظين على هدوئهم حتى دخلت الدبابات الى مشارف بغداد وسقط آخر لواء للحرس الجمهوري ، عندها أعلنوا أنّ حلمهم الذي صبروا عليه سنينا طويله قد حان ، وأنه لم يعد هناك خوف من الانتفاض والفرح لسقوط غريمهم ، السوريون كذلك يحلمون بذلك اليوم الذي ينفضون فيه كل غبار سنين القهر والاسى ، ولكن لا أحد يغامر بالرقص او الفرح لان ذلك يمكن أن يكلفه عمره وحياته مقابل لاشيء .
إسمح لي أيها الدكتور أن اقول لك انك تبالغ في الفرح قبل وقته ، وتبالغ في حسن النيه في غير مكانها ، وتخاطب الشباب بلغة غير مقبولة في بلدنا ، لان بشار ليس غاندي ، ولان آصف شوكت ليس الأم تيريزا ، ولان ماهر الاسد ليس بن علي ولا حتى عمر سليمان ، كل هؤلاء الذين رأيناهم حتى الان اقل سو
اترك ردًا