مزرعة بشار الاسد ومزرعة البيانوني

مزرعة بشار الاسد ومزرعة البيانوني

اشتهرت كلمة( المزرعه)في ادبيات المعارضه السوريه في توصيف حالة النظام السوري من حيث تصرفه في سوريه( الوطن) وكانها مزرعه ورثها البعثيون عن ابائهم واجدادهم ، فهم يطردون من تلك ( المزرعه ) من يشاؤون ويقبلون من يشاؤون ، ويكرمون من يشاؤون ويسجنون من يشاؤون ، ويتصرفون في اموال واملاك المزرعه كما يتصرف اي فلاح في مزرعته وغلالها ، فيشتري ما يشاء من متاع ويبيع ما يشاء بلا رقيب او حسيب .

الاخوان المسلمون بوصفهم الفصيل الاكبر في المعارضه السوريه ، استخدموا تلك الكلمه كثيرا في سياق انتقاداتهم للنظام السوري ، ولكنهم وفي غفلة من الزمن وامتداد امد معارضتهم للنظام على مدى عقود ، انزلقت قيادتهم العليا شيئا فشيئا الى ذلك المنزلق الخطير (المزرعه ) وصارت تصرفاتهم تقترب كثيرا من تصرفات النظام في مزرعته (سوريه) .

لا يهم ان كانت مزرعة الاخوان كبيره او صغيره ولايهم حجم تناسبها مع مزرعة النظام ، ولكن المهم كيف يديرونها ،المهم كيف يتصرفون فيها ومدى ابتعادهم واقترايهم من تصرفات النظام في مزرعته ، وفي حال وقع الاخوان بنفس اخطاء النظام فيجب الا نسكت عن ذلك او نتستر عليه ، لان الخطا يبيقى خطأ بغض النظر عمن قام به هل هو بعثي او اسلامي او شيوعي ، فاذا كنا نعيب الممارسة العنصرية مثلا من النظام فعلينا ان نعيبها بنفس القوه اذا صدرت من الاخوان وهكذا ، لكي نكون صادقين مع انفسنا واهلنا ، اما اذا سكتنا عن الخطأ لان من يرتكبه تربطنا به مودة او اخوه او صداقه فهذا هو عين الانحراف .

من خلال ما عايشته في صفوف الاخوان وبالخصوص خلال حوالي ال 5 سنوات الاخيره في بريطانيه ، فقد تبين لي بوضوح ان السيد البيانوني المراقب العام للاخوان السوريين يقترب تدريجيا في ممارساته وتصرفاته من تلك التي يقوم بها بشار اسد في المزرعه الكبيره سوريه ، وذلك في النقاط التاليه :

1- في تعامله من من يختلف معه بالرأي من ا عضاء الاخوان ، لا يحبه ابدا ويحمل عليه في قلبه ويضع تحت اسمه عدة خطوط حمراء، ليقصيه تماما عن ااي مكان اداري او تمثيلي للجماعه .

2- في تعالمله مع حركة ناشئه اسمها العداله والبناء ، ذات خلفيه اسلاميه شكلها عدد من الشباب السوريين في بريطانيه ومنهم من كان سابقا في صفوف الاخوان واضطروا لترك الاخوان بسبب تصرفات البيانوني الاقصائيه لغير المقربين منه، فقد كان في تعامله مع تلك الحركه في غاية السلبيه فقط لانها ذات خلفيه اسلاميه ، ولو كانت شيوعيه او قوميه لكان رحب بها وفتح لها الابواب ولكن لانها ذات مرجعيه اسلاميه فقد ناصبها العداء لانها ربما تمثل في المستقبل تهديدا لانفراده بالساحه الاسلاميه السوريه ، وهنا يبدو واضحا التناقض الجلي بين تصرفاته وبين ما طرحه من نظريات حول انفتاح الاخوان على الجميع وتعاونه مع كل اطياف التشكيل المعارض السوري في ما سماه انذاك ( المشروع السياسي لسوريه المستقبل ) و(ميثاق الشرف الوطني ) وغيره من اوراق اراد فيها ان يقول انه منفتح وديموقراطي ويحترم التعدد، ولكنه سقط في اول اختبار من خلال تعامله مع تلك الحركه الناشئه .

3- في تقريبه للخلص من ابناء بلده وتفضيلهم على من سواهم من ابناء الاخوان الذين لهم اضعاف الخدمات والتضحيات في صفوف الاخوان ، وللعلم فان هذا التمييز العنصري هو من اكثر ما ينتقده البيانوني في تصرفات النظام .

4- المعضله الاكبر في تصرفات البيانوني هي انه يمسك بيده كل السلطات في تنظيم الاخوان ، بشكل شمولي استبدادي ليس له مثيل اللهم الا عند البعثيين ، فلو كنت عضوا في الاخوان السوريين واختلفت مع البيانوني فعليك ان ترفع شكواك عن طريقه هو الى الجهه المختصه وبعد انتظار شهر او شهرين لجواب شكواك يقول لك البانوني تعال الى عندي انا عطيك الجواب ، وليس الجهه المكلفه بذلك ، بمعنى انه يقوم في مقام السلطه التفيذيه والتشريعيه والرقابيه ، فهو كل ذلك، وبيده مفتاح كل شيء في التنظيم ، واذا كنت مخالفا له في شيء فعليك الويل وسواد الليل، وبالتاكيد لن تصل الى جهة ما لها سلطة المراقبه والمحاسبه لتصرفاته .

5- والاعظم من ذلك كله انك لو كنت ضحية لظلم عن البيانوني فانه يظلمك باسم الله وباسم الدين ، البعثيون يظلمون الناس باسم الوطن والعروبه والصمود والتصدي وليس باسم الدين ، وفي رايي ان الظلم تحت راية الاسلام يكون افدح واكبر واعظم جريمة من اي شيء اخر ، لان الاسلام دين الحب والموده والرحمه وعدم الظلم .

6- احدى غرف المحادثه على الانترنت ( البالتوك ) يديرها اشخاص من الاخوان السوريين ، وهم على صله وثيقه بالمراقب العام ، لا تجد صعوبة ابدا في قراءة كيف يفكر به وكيف يتصرف به هؤلاء ، حيث يطردون بلمحة بصر اي شخص يخالفهم بالرأي ، ويقول له مدير الغرفه: اخرج لا كرامة لك ، ويقول في مكان اخر بالحرف الواحد : ( ان قلامة ظفر شيخنا البيانوني تعادل كل افراد كذا وكذا من ذلك التنظيم الناشئ الجديد ) ولا نجد اي استنكار لذلك من المراقب العام ، فهو اذا راض ان تكون قلامة ظفره افضل من عدد كبير من البشر.

7-موقع يديره ابن احد الاخوان من لندن اسمه اخبار الشرق ، ويكاد يكون معروف عند جميع المعارضين السوريين انه واجهه غير معلنه للاخوان ، فمثلا عند اعادة انتخاب البيانوني للمره الثالثه على طريقة الزعماء العرب ، فان الموقع الوحيد الذي جاء بالخبر على انه خبر عاجل ، ونشر بعد ايام ما يشبه بطاقات المباركه لاشخاص يهنؤون البيانوني على ثقة اخوانه به ، ولكن نفس الموقع رفض ان ينشر مقال لي اعترضت فيه على انتخاب البيانوني ، ونشرت القدس العربي بعضا منه ، وهنا اتساءل ماذا يختلف اخبار الشرق( الناطق تقريبا باسم الاخوان ) عن تشرين او البعث او الثوره السوريه التي تنشر اخبار الحزب ةالقياده ولا تنشر اخبار المعارضه ؟ اسالكم بالله هل كنا في سوريه بحاجه الى تشرين جديده ؟

اقول هذا بامانه وصدق ، وباحساس عميق بالفجيعه التى جلبها هذا الرجل للاخوان السوريين بعد عشر سنوات من تبوئه للمنصب الاعلى فيهم ، واشعر بالاسى لالاف الضحايا من الاخوان السوريين الذي سقطوا في سبيل الحق والخير وان تكون سوريه بلد الاحرار والشرفاء والكرام ان تؤول بهم الايام الى هذا الواقع الاليم .

وهنا ربما يتساءل شخص ما ويقول ولكن اعضاء التنظيم راضين عنه وعن اعماله وانتخبوه بشكل حر ونزيه في اخر انتخابات ، فلماذا تتنطع انت وتعترض على ذلك لوحدك ؟ والجواب ان اعضاء التنظيم يعيشون متشتتين في عدد كبير من الدول واكثرهم لا يعرف الكثير عن تصرفات المراقب العام ، وبسبب قلة الاتصال بينهم وانشغالهم بامور حياتهم وحرمانهم من اي نشاط في البدان التي يعيشون فيها ، كل ذلك جعل مشاركتهم ومساءلتهم وانتقادهم محدودا جدا لانهم ينتظرون اليوم التي يفرج الله عنهم كربتهم ويعودوا الى بلادهم بعد اكثر من ربع قرن من التشرد في بقاع الارض ، ان معظمهم في ظروف معاشية او امنية صعبة جدا ، او بسبب ضغط الحاجة الى الوثائق تجعلهم لا يفكرون الا بتسديد امورهم والسكوت تماما عن اي خطأ لان ظروفهم لا تسمح بذلك ابدا .

انني اكتب هذا الشيء والحسرة تملا قلبي ان نصل الى هذا المصير ، وان نرى اخواتنا الكبار وهم يقعون في تلك الاخطاء الفادحه ولا يقبلون اي نصح او تنبيه ويغلقون كل السبل في وجه من يقول لا ، واتساءل ماذا كانوا سيفعلون بامثالي لو كان في( مزرعتهم) سجون وزنازين ؟ اللهم الطف بنا يا رب .

علي الاحمد –لندن

15/10/06

Aliahmad61@hotmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *