الاخوان والنفاق
ربما يصعق مثل هذا العنوان الكثيرين ممن لا يعرفون الكثير عن حقيقة عمل مؤسسات الاخوان المسليمن ، الدوليين منهم والسوريين بشكل خاص . ولكن للاسف يجب أن نعترف بكل مرارة أنّ هذا التنظيم العريق الداعي الى تطبيق الاسلام الحنيف في كل مجريات الحياة ، يعلّم أفراده النفاق أو يجبرهم عليه او يسوقهم اليه سوقا ، واليكم الدليل.
مكث الاخوان السوريون حوالي 3 عقود خارج بلدهم في ظروف قاسية جدا ، حيث الهجرة الى البلاد العربيه المجاوره ، وحيث لا يسمح لاحد بالتفكير الا ضمن إطار التفكير الجماعي للتنظيم من خلال مواجهته للنظام ، ولهذا التفكير كهنة ومخططون لا يسمحون لاحد أن يخرج عن مدى عقولهم أيا كان ،وإذا حصل وخرج أي فرد على هذا الاطار المقدس فإنه أمام خيارين لا ثالث لهما : أن يرجع الى سوريه ليواجه السجن او الاعدام ، او أن يسكت ويقبل بذلك الاطار المفروض عليه مغمضا عينيه ومصما أذنيه عن أي تصرف خطأ او تمييز او محاباة لهذا الشخص او ذاك على حساب الاخرين .
وفي أجواء مثل تلك يكون التنظيم فيها أشبه ما يكون بشيء مقدس له هالة كبيره جدا إسمها مصلحة الجماعه : هذه المصلحه ربما تكبر وتنتفخ في بعض الاحيان لتصبح أكبر من مصلحة الاسلام نفسه الذي هو الهدف الاسمى والاكبر للتنظيم ، بمعنى أنه اذا تعارضت مصلحة التنظيم مع تعاليم الاسلام فإنه تتقدم مصلحة التنظيم على تطبيق أحكام الاسلام ،كما في حالة من الحالات عندما تأسس تنظيم شبه منافس للاخوان في بريطانيه ، وظنّ مسؤولو الاخوان أنّ هذا التنظيم ربما يجتذب بعض أفرادهم ، قام هؤلاء المسؤولون بمعاداة هذا التنظيم بالرغم من أنه يهدف الى شيء قريب او مشابه لما يهدفون اليه ، مع العلم انّ العديد من النصوص الاسلاميه تدعو الى التعاون والتعاضد بين المسلمين ، لتحقيق أهدافهم : المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ، وكذلك : مثل المؤمنين في توادّهم وتعاطفهم كالبينيان يشد بعضه بعضا ….اذا اشتكى …..
ولكن أخطر ما في الامر أن تصبح مصلحة الجماعه حاجبا يحجب نصوصا أساسيه ومهمه جدا في التفكير والتطبيق الاسلامي ، فمثلا عندما تنتقد فردا من قيادات الاخوان تنطلق الالسنه لتوبيخ وتحقير ما تفعله ، وتسمع الكثير من الاحاديث النبويه التى تؤنب من يخرج على الجماعه ومن يشق عصاها ، او التى تنهى عن ذكر الاخرين بالسوء ومن تلك الاحاديث : وهل يكبّ الناس في النار على وجوههم الا حصائد السنتهم ؟ وحديث مثل : آية المنافق ثلاث … واذا خاصم فجر …
ولكن هؤلاء الاخوان الذين يواجهوك بتلك الاحاديث وهم من العارفين طبعا بالحديث النبوي ، لا يذكرون أبدا حديثا للنبي يقول فيه : أنصر أخاك ظالما او مظلوما ، قالوا يا رسول الله ننصره ظالما فكيف ننصره مظلوما ؟ قال تأخذ على يده ، وفي هذا الحديث تبدو مسؤولية مضاعفه عليهم : فمن ناحيه يجب رفع الظلم عن الشخص الذي وقع عليه الظلم من هذا القائد الاخواني او ذاك ، ومن ناحية اخرى عليهم حض القائد على عدم الظلم ، لان الظالم والمظلوم هنا هم من اخوانهم ، ولكن مشايخ الاخوان ليس فقط لا يحضون القائد على عدم الظلم وانما يعيبون على المظلوم انه يطالب بإنصافه من ذلك القائد اللئيم ، وبذلك يكون عليهم الاثم مضاعف لانهم أخلّوا بالامر من ناحيتين وليس من ناحيه واحده ، ولانهم شجعوا الظالم على الاستمرار على نهجه لانه يجد العون والتاييد وكل ذلك تحت قبة مصلحة الجماعه .
وكذلك الامر مع القول الماثور لسيدنا عمر عدما خاطبه المسلمون : والله لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناك بسيوفنا ، هذا القول لا يذكره مشايخ وأفراد الاخوان أبدا ، لسبب بسيط أنّ قياداتهم ربما كانت على قدرا ومنزلة ورحمة ودراية اكبر من سيدنا عمر بن الخطاب .
وحديث آخر مثل : سيد الشهداء حمزه ورجل قام الى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله ، هذا الامام اذا كان بعثي او ناصري او شيوعي فإن الاخوان يأمرون ويعملون على الوقوف بوجهه وقول الحق أمامه ، أمّا اذ كان شيخا من شيوخهم ، فتصمت الالسنه وتخرس الافواه ، ولا يجرؤ أحد على النبس ببنت شفة ، لان (مصلحة الجماعه ) تقتضي الشمت والسكوت.
إذا : هل يتعلم الفرد عند الاخوان النفاق ؟؟ نعم ولكنه ربما يكون له بعض العذر في حالة السوريين لانه لم يكن أمامهم في كثير من الحالات الا النفاق لان البديل عنه هو السجن او الاعدام ، ولكن في حالة غيرهم وخاصة المصريين يكون الامر عيب وعار وشنار أن تخرج مثل تلك المواقف من أي فرد او قائد منهم ، وقد عرف الكثير من قادتهم ما حصل عند السوريين ولكنهم كانوا الاكثر نفاقا والاكثر كذبا والاكثر إنحرافا ، أخزاهم الله .
علي الاحمد