وليد جنبلاط ما بين الفك والارتباط
صحيح أننا كنا كسوريين معارضين لنظام بشار الاسد ، كنا نطرب لهجائيات وليد جنبلاط وهو يسطرها من على شاشات التلفاز ضد بشار وأزلامه وحاشيته خاصة بعد التحول الكبير الذي حصل في لبنان أوائل عام 2005 عقب إغتيال المرحوم رفيق الحريري ، وكنا نعتبر تلك المواقف التى كان يطلقها هو وعدد كبير من زعماء 14 اذار ، إنما هي إنتصار خارجي للمقهورين والمظلومين في سوريه ، وكنا نحس بأن كل ما قلناه ونقوله عن بشار ونظامه حق وصدق لان دائرة إنكشافه وإنفضاحه تكبر كل يوم ، ولكن اليوم وبعد تغير الظروف والتحول الذي طرأ على الساحه الاقليميه بشكل عام وفي لبنان بشكل خاص ، حيث قام السيد سعد الحريري بزياره الى دمشق وهي المتهم الرئيسي بقتل والده ، وبعد ما يشبه الاعتذار الذي قدمه السيد وليد جنبلاط تمهيدا لعودته المرتقبه الى أحضان بشار ، بعد كل ذلك هل مطلوب منا نحن السوريين أن نحزن أو نغضب من مواقف جنبلاط وسرعة الفك والارتباط لديه ؟
في رأيي البسيط أنه لا يجب علينا أن نحزن أو نغضب منه لانه أولا وأخيرا يخضع لقوانين القوه والبطش ويده في النار كما يقال حيث أزلام سوريه في لبنان من حزب الله وغيرهم سببوا له الكثير من العداء والاشكالات المختلفه ، وهو مثل غيره من الزعماء الذين يحسبون مواقع وضع أقدامهم ، وقد غيّر قبله وبدّل الكثير من مواقفهم وخاصة التحول الكبير من ميشيل عون الذي سبقه بأشواط الى الحضن السوري . ثانيا فان عداء جنبلاط لبشار لا ينبع من موقف عقدي أيديولوجي إنما السبب الرئيسي ربما كان إعتبار جنبلاط أن النظام الاسدي هو المسؤول عن قتل والده المرحوم كمال جنبلاط ، وكان يأمل برؤية اليوم الذي يحاكم فيه قتلة أبيه بعد اغتيال الحريري ولكن يبدو أن حساباته لم تتوافق مع الواقع .
والعامل الاخر الذي ربما يبرر له ذلك التحول هو أن الوضع العالمي الدولي قد إنفرج وخفت الضغوط والحصار الذي تم فرضه على نظام بشار بعد حادثة إغتيال السيد الحريري ، حيث إستقبلت السعوديه وفرنسه بشار الاسد ، وقد ظهر بوضوح مدى حرص النظام العالمي الحالي على بقاء الاطار الامني الذي يوفره نظام بشار لاسرائيل ، وظهر بجلاء ما يمكن أن يحدث من فوضى وإنفلات لو حصل في سوريه ما يشبه ما حصل في العراق ، ولكون سوريه على حدود اسرائيل فإن أي مخاطره غير مسموح بها لان أمن إسرائيل ركن أساسي من أركان السياسه الامريكيه ، وليس هناك في الوقت الحاضر أفضل من بشار ليؤمن تلك الحمايه والامن لاسرائيل ، لذلك فان إدراك جنبلاط لتلك الحقيقه ساعدت وسهلت عودته الى الحضن الاسدي مرغما وليس بإرادته .
جنبلاط يعيش في منطقة خطره يسود فيها قانون الغاب الذي سنه البعثيون قبل أكثر من أربعين عاما وإستغله الطائفيون في سوريه أبشع إستغلال ليقرضوا الواقع الحالي بالحديد والنار وبألاف الضحايا الذين سقطوا في سوريه ولبنان على أيدي القوات السوريه ، وهو يعرف حقيقة الحلف الطائفي الذي أقامه بشار مع حزب الله وايران ، ويعرف كيف تتم السيطره على الشعب السوري من خلال القهر والقمع والارهاب ، ويعرف حالات التشيع التى يقوم بها نظام بشار ، ويدرك السبب الذي دفع شخصا مثل سعد الحريري لزيارة دمشق بالرغم من كل ما حصل ، ويدرك الواقع على الارض حيث تغلق الحدود السوريه في وجه الشاحنات التى يقودها أفراد غير موالين للمعارضه اللبنانيه التابعه بشكل تلقائي للامن السوري ، جنبلاط يدرك مدى اللؤم والحنق الذي يغمر قلوب الطائفيين في سوريه تجاه كل من يخالف حلفهم العقدي القائم على برك من الدماء التى أراقوها في كل مكان من سوريه ولبنان .
جنبلاط يعرف حقيقة بشار ونظامه وما هي الدعائم التى يقوم عليها حيث تحوي كل شيء ما عدا اي شيء عن الاخلاق او القيم او القانون او الشيم العربيه او الاسلاميه التى يحترم حدودها الدنيا كل الانظمه في المنطقه ما عدا إستثناء واحد هو ذلك النظام الدموي في دمشق الذي يحج اليه جنبلاط رغما عنه وهو يرضخ لقوانين العسف والظلم والقهر التى تحيط به وترغمه على تجرع ذلك القرار.
لن يؤثر ذلك أبدا في نظرتنا ورؤيتنا لماهية وحقيقة نظام بشار المجرم . لو عاد جنبلاط وبعده العشرات وإنضووا والتحقوا بركب بشار فإن ذلك لن يؤثر شعرة واحده في رؤيتنا وتقييمنا لذلك الحلف الشيطاني الطائفي القائم على الغدر والخداع واللصوصيه وإنتهاك الحرمات وأبسط حقوق الانسان ، ر بما إلتمسنا له ولغيره الاعذار ولكن ذلك يعزز كل ما قلناه ونقوله عن تلك الزمره التى تتحكم برقاب العباد في سوريه وتهين جيرانها وتسيئ للتاريخ والجغرافيا والانسان .
علي الاحمد
اترك ردًا