السلام عليكم، المشايخ الكرام، أهل العلم في سوري والعالم الإسلامي  .. هل يعتبر سكان سوريه من المسلمين الذين لا يشاركون في الثوره لأي سبب،  هل يعتبرون ممن يتخلف عن الزحف؟ وما هو الحكم الشرعي لهم؟ 

وما هو حكم من يشارك النظام بأي شكل سواء بالصمت أو بإغلاق باب بيته أو بدعم عناصره بالمال او المازوت أو أي شيء .. وجزاكم الله خيراً؟

الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد .. يجب على كل مسلم ـ سواء كان سوري أو غير سوري، وسواء كان في الداخل أم في الخارج ـ أن ينصر الشعب السوري المسلم، وثورته الشامية المباركة بقدر استطاعته، فمن كان يستطيع أن ينصر الثورة بنفسه، لا يُجزئه نصرتها بالمال، ومن كان يستطيع أن ينصرها بالمال لا يُجزئه نصرتها باللسان، ومن كان يستطيع أن ينصرها بنفسه، وماله، ولسانه .. لا يُجزئه لو نصرها بواحدة من أنواع النصرة تلك، وذلك لقوله تعالى:[ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ]التغابن:16. ولقوله تعالى:[ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ]الأنفال:60. وفي الحديث، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:” إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم ” متفق عليه. فالواجب بذل المستطاع، الذي يستغرق ويشمل كامل الجهد والقدرة .. وما وراء الاستطاعة .. وبذل المقدور عليه .. لا يُسأل عنه المرء، ولا يُحاسب عليه، لقوله تعالى:[ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ]البقرة:286.

أما من كان قادراً على الجهاد بالنفس، وكان ذلك متيسراً له .. ثم هو لا يفعل .. فهذا لا شك أنه ممن يحملون عليه حكم الفرار من الزحف، كما قال تعالى:[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ ]التوبة:38. وقال تعالى:[ انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ]التوبة:41. وقال تعالى:[ إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ]التوبة:39. وفي الحديث، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:” اجتنبوا الكبائر السبع: ـ وعد منها ـ الفرار من الزحف ” صحيح الجامع:145.

وقال صلى الله عليه وسلم:” إذا استنفرتم فانفروا ” البخاري. ونحن في الشام، قد استنفرنا الدين، واستنفرنا العِرض، واستنفرتنا الحقوق والحرمات المتنهكة، استنفرتنا دماء الأطفال .. استنفرَنا الثوار والمجاهدون في بابا عمرو وغيرها من الأحياء والمدن السورية .. ولا بد للقادر من أن يلبي النداء والنفير، كل بحسب موقعه وقدرته وإمكانياته، مهما كانت قليلة ومتواضعة .. فقليله، مع قليل غيره يُصبح كثيراً بإذن الله.

كذلك يُقال: أن النفير يتعين على الأقرب فالأقرب لموقع الحدث .. فإن لم تتحقق الكفاية .. امتد الواجب ليشمل الخطوط الأخرى بحسب قربها من مواطن الجهاد والقتال .. فما يجب على السوري ـ تجاه الأوضاع في سوريا ـ لا يجب على الأردني، واللبناني .. والعراقي .. وما يجب على الأردني واللبناني، والعراقي، والتركي .. لا يجب على المصري، والتونسي الأكثر بعداً عن سوريا .. وما يجب على المصري والتونسي، والسعودي .. لا يجب على الباكستاني، والهندي .. وهكذا كلما كان المسلم أقرب لموقع الحدَث الذي يستوجب النفير .. كلما تعين عليه النفير والجهاد أكثر من غيره، والله تعالى أعلم.

أما من يدعم الطاغوت بشار الأسد، وعصابته الطائفية المجرمة .. في حربه على الشعب السوري، وثورته المباركة .. بأي نوع من أنواع الدعم .. فهو على خطر كبير .. قد يرقى في بعض صوره إلى درجة الكفر البواح، والخروج من الدين، لقوله تعالى:[ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ]المائدة:51. وقوله تعالى:[ لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ]المجادلة:22.

والموالاة أنواع ودرجات فمنها الأصغر، ومنها الأكبر والمغلظ .. فليس من صمت، وأغلق عليه بابه ـ وكان في ذلك نوع دعم للطاغوت وجنده ـ كمن يدعم وينصر الطاغوت ونظامه بالكلام واللسان .. وليس ـ في الجرم والإثم ـ من يقول كلمات في الذود عن الطاغوت .. كمن يُجادل عنه وعن نظامه الطائفي المجرم في المحافل، والقنوات الإعلامية .. وأشدهم جرماً، الذي ينصره ونظامه بيده، وقوة السلاح .. وعلى العموم .. أرى أن نحذر الناس من مغبة وخطورة الدخول في موالاة الطاغوت ونصرته، ولو بشطر كلمة .. تحذيراً عاماً .. من دون أن نشير إلى أعيان الناس بأسمائهم، وأشخاصهم ـ إلا إذا دعت الضرورة الشرعية، والمصلحة العامة للثورة لشيء من ذلك ـ لاحتمال وجود عنصر الإكره، والخوف، والتقيّة .. ولأن الساحة في كل لحظة تشهد متغيرات جديدة .. وحركة مستمرة في مواقف الناس .. فمن كان بالأمس ظاهره على الثورة .. فاليوم ـ بفضل الله ـ ظاهره وباطنه معها .. وهذا ملاحظ .. ولا بد من اعتباره عند إصدار الأحكام.

نسأل الله تعالى أن يفرج عن أهلنا وأحبتنا في الشام ما هم فيه من هم وغم، وكرب .. وأن ينصر الثورة مجاهديها الأبطال، على الطاغوت وجنده .. وأن يشف مرضاهم وجرحاهم .. إنه تعالى سميع قريب مجيب، وصلى الله على محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

” أبو بصير الطرطوسي “

27/2/2012 م

www.abubaseer.bizland.com

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *